صرخة خلف القضبان... العدالة المفقودة في إيران
تقول بريسا بوينده، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، إنه في الوقت الذي يتركز فيه الاهتمام العالمي على الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل، تتلاشى أصوات السجناء السياسيين في ظل القمع وأحكام الإعدام.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ في أعقاب التوترات العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، استهدفت موجة جديدة من القمع السجناء السياسيين في إيران، وتشير التقارير إلى أن عدداً من هؤلاء السجناء تعرضوا لأحكام أكثر قسوة، وأن خطر الإعدام الوشيك يهدد بعضهم بشكل أكبر من أي وقت مضى.
في ظل هذه الظروف، أصبحت اتهامات مثل "التعاون مع إسرائيل" أداة لتكثيف الضغوط، وجعلت البيئة الأمنية السائدة أكثر تعقيداً، خاصة بعد الهجمات الأخيرة التي مهدت الطريق لمواجهات أوسع.
وفي هذا الصدد، أجرت وكالتنا حوار مع بريسا بوينده، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمديرة التنفيذية للجنة إطلاق سراح السجناء السياسيين، لتقييم الوضع الحالي والعواقب المحتملة لهذه العملية على حياة وحقوق السجناء السياسيين.
في ظل الوضع الراهن، ما هي التهديدات التي تشكل خطراً على السجناء السياسيين في إيران؟
إن الحرب الدائرة حالياً ليست حرباً بين الشعوب، بل هي مواجهة بين نظامين استبداديين وقمعيين، كما أن الجمهورية الإسلامية تستغل هذا الوضع الحرج كفرصة لتكثيف القمع في محاولة لترهيب الناس في الشوارع والمنازل وقمع أي احتجاجات وإضرابات انتشرت في الأشهر الأخيرة.
فبالتزامن مع الهجمات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية الإيرانية، سُجِّلت عدة احتجاجات في السجون منها سجن شيبان بالأهواز، وقزل حصار، وجناح النساء في سجن إيفين، والجناح الرابع، حيث ردد السجناء شعارات ضد موجة الإعدامات والقمع الجديدة التي ازدادت في ظل الوضع الراهن.
في غضون ذلك، أعلنت الجمهورية الإسلامية أنها ستتعامل مع أي معلومات تتعلق بالوضع الحالي من خلال اتهامات بـ"نشر الشائعات" وهددت بالاعتقال. ومنذ يوم أمس، وردت أنباء عن قطع الاتصالات في جناح النساء بسجن إيفين، بالإضافة إلى إلغاء الأنشطة الخارجية في عدة عنابر، بما في ذلك الجناح الرابع، كما أفادت التقارير باعتقال عدد من المواطنين في مدن مثل يزد ودزفول بسبب تقديمهم معلومات حول الهجمات والتطورات الأخيرة.
وتُبرز هذه الأحداث اتساع الفجوة بين الشعب والحكومة بشكل لم يسبق له مثيل، حيث يتزايد الغضب الشعبي بشكل ملحوظ. وتشير المعلومات الواردة من داخل إيران إلى شعور عام بالاشمئزاز تجاه السياسات الحربية التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية، والتي تتحمل مسؤولية مباشرة عن عقود من القمع والعنف وإشعال الحروب سواء داخل البلاد أو خارجها.
من المؤكد أن إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، قد تستغل هذه الحرب كوسيلة لزيادة الضغوط على الجمهورية الإسلامية. ومع ذلك، فإن الرأي العام في إيران يدرك تماماً أن المسؤولية الأساسية عن هذا الوضع تقع على عاتق نظام احتجز شعبه كرهينة وضحى بالأمن والكرامة الإنسانية على مدى سنوات.
فخلال اليومين الماضيين، تعرض الناس لتهديدات واسعة النطاق، لا سيما بسبب تغطيتهم للأحداث الأخيرة. في الوقت نفسه، نشرت بعض وسائل الإعلام التابعة للجمهورية الإسلامية تقارير تُعرّف الكولبار (العمالة العابرة للحدود) وناقلات الوقود كمهربين، وتزعم أن العديد من البضائع دخلت إيران عبرهم.
نظراً لظروف الحرب وتركيز وسائل الإعلام العالمية على التطورات العسكرية وليس على قضايا حقوق الإنسان، فإن السؤال هو كيف يمكن لفت انتباه المجتمع الدولي إلى هذه التهديدات والضغوط والقمع المستهدف؟
اليوم، يُعدّ النسيان أحد أكبر المخاطر التي تُهدد مجتمع النشطاء والسجناء السياسيين؛ إذ ينصبُّ كل الاهتمام على الحرب، بينما تُسكت أصوات المظلومين. يجب ألا ننسى أننا نتعامل مع نظام أسقط طائرة ركاب بصاروخين، وأطلق النار على 1500 شخص في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وأطلق النار على عيون الشباب خلال الانتفاضة الأخيرة، وشنق مجاهد كوركور في دربند بتهمة "الفساد في الأرض".
يجب ألا ندع شبح الحرب يُلقي بظلاله على نضالنا من أجل العدالة، فخطر تكرار ما حدث في الستينيات في السجون حقيقي. علينا أن نكون صوت السجناء السياسيين وعائلاتهم وأن نتكاتف ونحوّل هذا الوضع الحساس إلى فرصة للمقاومة وتحقيق العدالة.
في هذا الصدد، تُعقد سلسلة من المسيرات والمؤتمرات دعماً للسجناء السياسيين في الفترة من 10 إلى 28 حزيران/يونيو الجاري، وسيُعقد المؤتمر الرئيسي في 28 من الشهر ذاته بجامعة فرانكفورت. أدعو الجميع للانضمام إلينا في هذه الحملة العالمية لرفع أصواتهم من أجل العدالة.